البنوك الخليجية ومنافسة الإئتمان في المملكة
تماشياً مع الاتفاقيات الخليجية ومنذ أكثر من عقد من الزمان، وافقت المملكة على فتح فروع للبنوك الخليجية في السوق السعودية، ورغم حصول بعض هذه البنوك على الترخيص فعلا، إلا أنها لم تباشر أعمالها فوراً، وهو أمر كان متوقعاً نسبياً، ذلك أنها واجهت منافسة عتيدة من قِبل البنوك المحلية التي صنعت معوقات دخول اقتصادية عزّزتها على مر الزمن، من بينها: الأصول الثابتة المكلفة، والفروع المتناثرة على طول البلاد وعرضها، ونقاط البيع المقبول بشكل عام، هذا إضافة إلى قاعدة عريضة من ولاء العملاء أو تبني المنتج التي يصعب تغييرها ما لم يتم اختراق مفاهيم تسويقية عميقة التأثير. أضف إلى ذلك أن هذه البنوك أتت إلى سوق تعتمد على الودائع والقروض الشخصية بشكل رئيس، وهي مشبعة بها حتى سجلت ما يزيد على 220 مليار ريال بنهاية عام 2011. ومع ذلك بقيت جاذبية السوق السعودية عالية للبنوك الخليجية والأجنبية، نظراً لأن العملاء لا يطالبون بفوائد على ودائعهم، إلى جانب انخفاض معدل المخاطرة على القروض، خاصة مع سياسة تحويل الراتب التي تتبعها البنوك السعودية وبرنامج ''سريع''، كما أن حجم السوق السعودية لم يزل يمنح فرصة لعدد أكبر من البنوك العاملة. وكل ما كانت البنوك الخليجية في حاجة إليه هو فرصة مواتية لدخول السوق وتغيّرات في رياح أسعار الفائدة.
هبت رياح التغيير عندما حدثت الأزمة المالية العالمية واضطرت الولايات المتحدة إلى تخفيض الفائدة حتى مستويات متدنية لتحفيز الاقتصاد الأمريكي المتباطئ، وكان حتماً على مؤسسة النقد أن تحذو حذوها فخفضت الفائدة بدورها حتى مستويات قياسية، وهو الأمر الذي كانت هذه البنوك الخليجية في حاجة إليه، وبالفعل بدأ سباق محموم على فتح الفروع، خاصة للمؤسسات التي سبق وحصلت على تراخيص فعلا. ركزت البنوك الخليجية على معدل الفائدة لجذب المدخرات، وبالتالي تحقيق مرونة أكبر في بداية طريقها التنافسي، ومنح تخفيض مؤسسة النقد الفائدة هامش مناورة ممتازاً للبنوك الخليجية حتى وصلت إلى 1.8 في المائة للقروض الشخصية، وبفترة سداد ميسّرة تصل إلى خمسة أعوام، في وقت حافظت فيه البنوك السعودية على معدل فائدة مرتفع نسبياً. لكن هذه الميزة التنافسية سرعان ما امتصتها البنوك المحلية فتسابقت هي الأخرى على تقديم فوائد تنافسية أكثر وصلت إلى أقل من 2 في المائة. للتغلب على هذه التحديات، ومع تذوق حلاوة عوائد السوق السعودية ورغبة في جذب مدخرات أكبر بدأت البنوك الخليجية بتقديم عرض تنافسي أكثر إغراءً، وذلك بمنح القروض الشخصية من دون تحويل للراتب. وهي بذلك تطلق موجة من القروض عالية المخاطر في السوق السعودية، وتصل إلى شريحة متعطشة للقروض كان يمنعها سياسة تحويل الراتب.
تقوم فكرة ربط القرض الشخصي بتحويل الراتب على فكرة ضمان القرض، وبالتالي تخفيض سعر الفائدة، حيث إن البنك يستطيع تحميل القسط على حساب العميل قبل أن يتم إيداع الراتب من جهة العمل، وبذلك يضمن البنك إلى درجة ما قدرة الموظف على السداد، أضف إلى ذلك أن هذا يسمح للبنك بزيادة الودائع، ذلك أن طالب القرض لا يستطيع نقل راتبه الشهري وبذلك إيداعاته (غير المكلفة على البنك) إلى بنك آخر دون تصفية قيمة القرض. كانت الميزة الأساسية في هذا النموذج هي الفوائد المرتفعة نسبياً على قروض منخفضة المخاطر إلى حد بعيد، خاصة مع تعاون مؤسسات الدولة مع هذه البنوك في إيداع الرواتب مباشرة بحسابات العملاء وعدم قبول تحويل الراتب إلى بنك آخر حتى يتم تقديم وثائق إخلاء الطرف. في هذه البيئة التنافسية تحاول البنوك الخليجية تقديم منتج جديد متسم بمخاطر عالية، وهو القروض غير المضمونة بالرواتب. وهذا يسمح لمن لديهم قروض فعّالة في البنوك بطلب قرض من بنك خليجي وبالطبع يتطلب منه دفع فوائد أعلى. لذلك جاء المنتج الجديد بفائدة تبدأ من 6 في المائة. تأمل البنوك الخليجية من هذا أن تكسر قاعدة الولاء، كما أنها ستتمكن من الحفاظ على العملاء بعد سداد قروضهم في البنوك الأخرى، وبالتالي زيادة قاعدة العملاء في السوق السعودية وزيادة الودائع دون فوائد. الميزة النسبية التي يقدمها هذا التنافس هو تحرير سوق الائتمان في المملكة من قيود الاحتكار ويوفر للمواطن بدائل مختلفة بأسعار متفاوتة، ليس من السهل توقع الآثار الاقتصادية لمثل هذه المنتجات ما لم تتوافر معلومات أكثر عن حجم هذه القروض وتوجهات المقترضين في إنفاقها. لا تزال البنوك الخليجية تمتلك ميزات نسبية لم تستخدمها بعد، وهي ميزات من المتوقع أن تشكل حجر الرحى في التنافسية القادمة.
تماشياً مع الاتفاقيات الخليجية ومنذ أكثر من عقد من الزمان، وافقت المملكة على فتح فروع للبنوك الخليجية في السوق السعودية، ورغم حصول بعض هذه البنوك على الترخيص فعلا، إلا أنها لم تباشر أعمالها فوراً، وهو أمر كان متوقعاً نسبياً، ذلك أنها واجهت منافسة عتيدة من قِبل البنوك المحلية التي صنعت معوقات دخول اقتصادية عزّزتها على مر الزمن، من بينها: الأصول الثابتة المكلفة، والفروع المتناثرة على طول البلاد وعرضها، ونقاط البيع المقبول بشكل عام، هذا إضافة إلى قاعدة عريضة من ولاء العملاء أو تبني المنتج التي يصعب تغييرها ما لم يتم اختراق مفاهيم تسويقية عميقة التأثير. أضف إلى ذلك أن هذه البنوك أتت إلى سوق تعتمد على الودائع والقروض الشخصية بشكل رئيس، وهي مشبعة بها حتى سجلت ما يزيد على 220 مليار ريال بنهاية عام 2011. ومع ذلك بقيت جاذبية السوق السعودية عالية للبنوك الخليجية والأجنبية، نظراً لأن العملاء لا يطالبون بفوائد على ودائعهم، إلى جانب انخفاض معدل المخاطرة على القروض، خاصة مع سياسة تحويل الراتب التي تتبعها البنوك السعودية وبرنامج ''سريع''، كما أن حجم السوق السعودية لم يزل يمنح فرصة لعدد أكبر من البنوك العاملة. وكل ما كانت البنوك الخليجية في حاجة إليه هو فرصة مواتية لدخول السوق وتغيّرات في رياح أسعار الفائدة.
هبت رياح التغيير عندما حدثت الأزمة المالية العالمية واضطرت الولايات المتحدة إلى تخفيض الفائدة حتى مستويات متدنية لتحفيز الاقتصاد الأمريكي المتباطئ، وكان حتماً على مؤسسة النقد أن تحذو حذوها فخفضت الفائدة بدورها حتى مستويات قياسية، وهو الأمر الذي كانت هذه البنوك الخليجية في حاجة إليه، وبالفعل بدأ سباق محموم على فتح الفروع، خاصة للمؤسسات التي سبق وحصلت على تراخيص فعلا. ركزت البنوك الخليجية على معدل الفائدة لجذب المدخرات، وبالتالي تحقيق مرونة أكبر في بداية طريقها التنافسي، ومنح تخفيض مؤسسة النقد الفائدة هامش مناورة ممتازاً للبنوك الخليجية حتى وصلت إلى 1.8 في المائة للقروض الشخصية، وبفترة سداد ميسّرة تصل إلى خمسة أعوام، في وقت حافظت فيه البنوك السعودية على معدل فائدة مرتفع نسبياً. لكن هذه الميزة التنافسية سرعان ما امتصتها البنوك المحلية فتسابقت هي الأخرى على تقديم فوائد تنافسية أكثر وصلت إلى أقل من 2 في المائة. للتغلب على هذه التحديات، ومع تذوق حلاوة عوائد السوق السعودية ورغبة في جذب مدخرات أكبر بدأت البنوك الخليجية بتقديم عرض تنافسي أكثر إغراءً، وذلك بمنح القروض الشخصية من دون تحويل للراتب. وهي بذلك تطلق موجة من القروض عالية المخاطر في السوق السعودية، وتصل إلى شريحة متعطشة للقروض كان يمنعها سياسة تحويل الراتب.
تقوم فكرة ربط القرض الشخصي بتحويل الراتب على فكرة ضمان القرض، وبالتالي تخفيض سعر الفائدة، حيث إن البنك يستطيع تحميل القسط على حساب العميل قبل أن يتم إيداع الراتب من جهة العمل، وبذلك يضمن البنك إلى درجة ما قدرة الموظف على السداد، أضف إلى ذلك أن هذا يسمح للبنك بزيادة الودائع، ذلك أن طالب القرض لا يستطيع نقل راتبه الشهري وبذلك إيداعاته (غير المكلفة على البنك) إلى بنك آخر دون تصفية قيمة القرض. كانت الميزة الأساسية في هذا النموذج هي الفوائد المرتفعة نسبياً على قروض منخفضة المخاطر إلى حد بعيد، خاصة مع تعاون مؤسسات الدولة مع هذه البنوك في إيداع الرواتب مباشرة بحسابات العملاء وعدم قبول تحويل الراتب إلى بنك آخر حتى يتم تقديم وثائق إخلاء الطرف. في هذه البيئة التنافسية تحاول البنوك الخليجية تقديم منتج جديد متسم بمخاطر عالية، وهو القروض غير المضمونة بالرواتب. وهذا يسمح لمن لديهم قروض فعّالة في البنوك بطلب قرض من بنك خليجي وبالطبع يتطلب منه دفع فوائد أعلى. لذلك جاء المنتج الجديد بفائدة تبدأ من 6 في المائة. تأمل البنوك الخليجية من هذا أن تكسر قاعدة الولاء، كما أنها ستتمكن من الحفاظ على العملاء بعد سداد قروضهم في البنوك الأخرى، وبالتالي زيادة قاعدة العملاء في السوق السعودية وزيادة الودائع دون فوائد. الميزة النسبية التي يقدمها هذا التنافس هو تحرير سوق الائتمان في المملكة من قيود الاحتكار ويوفر للمواطن بدائل مختلفة بأسعار متفاوتة، ليس من السهل توقع الآثار الاقتصادية لمثل هذه المنتجات ما لم تتوافر معلومات أكثر عن حجم هذه القروض وتوجهات المقترضين في إنفاقها. لا تزال البنوك الخليجية تمتلك ميزات نسبية لم تستخدمها بعد، وهي ميزات من المتوقع أن تشكل حجر الرحى في التنافسية القادمة.